الأدوات السريرية للأخصائي النفسي
يقوم الأخصائي النفسي بتقييم الخصائص النفسية العاطفية والتكيف الاجتماعي وأيضا المعاناة النفسية، ويعتمد لذلك على أدوات سريرية غير الاختبارات. حيث إن هذه الأدوات لا تؤدي إلى قياسات مقارنة أو معايرات ونذكر من هذه الأدوات السرسرية الإنصات، والرسم والحكايات والأساطير والقصص الفلسفية
1. الإنصات:
خصوصيته بالنسبة للأخصائي النفسي الإكلينيكي أنه يؤدي إلى بناء معرفة الحالة من خلال الكلمات وما وراءها
خلال اللقاء الأول يعبر الأطراف بشكل حر فيقومون بالبوح بكل ما يخالجهم. ويلاحظ أن الوالدين كما الأطفال لا ينصتون للرسائل التي يبوح بها الطرف الاخر بالشكل الصحيح، وهذا غالبا ما يكون السبب للجوئهم للأخصائي النفسي. وخلال مقابلة جلسة الإنصات يتم الكشف عن أصل أسباب الصعوبة الأكاديمية للطفل أو صعوبة التكيف مع متطلبات النظام المدرسي.
وتعتمد جلسات الإنصات على خصوصية معرفة الأخصائي النفسي بالعوامل العاطفية والمعرفية التي قد تؤثر على الطفل وهو يعمل في تقييمه للحالة على البعدين معا وليس كل على حدة.
ويكمن دور الأخصائي خلال الجلسات في أن يطمئن، يؤطر ويحاول جمع الأفكار المعبر عنها والمتناثرة وإلغاء الدفاعات والمكبوتات وذلك من أجل تقييم جيد للحالة.
وقد يتطلب الأمر عدة جلسات مع الطفل حتى يتمكن من اكتساب الاستقلال النفسي والمعرفي.
دينامية مقابلة الإنصات موجهة نحو الهدف المراد تحقيقه. غير أن هذا لا يتنافى مع إمكانية الاهتمام بأهداف أخرى خلال مقابلات تبرمج لاحقا في حال طلب الأطفال أو ذويهم ذلك. وتهدف هذه المقابلات الخارجة عن نطاق الخبرة إلى التحضير لتقديم خدمة رعاية خارجية أو تخفيف الألم والضيق الفوري.
يستغل العديد من الأطفال فرصة الإنصات إليهم حيث تمكنهم المقابلة الآمنة من البوح بما يخالجهم والمشاركة بأفكارهم.
خاصة وأن الأمور التي لا تقال يمكن أن يكون لها تأثير سلبي عند وصول سن المراهقة. قد تصل إلى الصراع والعنف مع البالغين خاصة، إن كانت تدخلاتهم غير مرحب بها من طرف المراهقين.
هذا ما يجعل المراهقين يستعملون لغة مستفزة وألقابا وأيضا نوعية لباس مغايرة ونموذجية رغبة منهم في إثبات الذات والانفصال عن الآباء.
وقد يضع المراهق الاخصائي النفسي كبالغ في خانة الآباء.
لذا؛ فمن الواجب على الأخصائي لحظة التعامل مع المراهقين التعريف بنفسه كأخصائي وطبيعة عمله وأيضا الأدوات التي يستعملها والتأكيد على أخلاقيات مهنته.
2. الرسم:
يحفز الرسم التمثل في الصور وبالتالي الخيال.
يهتم المراهقون بالرسم من ناحية رواية القصص وأما الأطفال فيكتشفون الرسم عندما يجربون الكتابة ويتعلمون الألوان.
في بداية استعمال الرسم كأداة سريرية لا يرسم جميع الأطفال بشكل تلقائي؛ بل يكون ذلك تبعا لرغبة البالغين ولكن بعد ذلك يستعملون الرسم كطريقة للتعبير.
في حين قد يواجه بعض الأطفال التوحدين صعوبة في رسم تصاميم شخصية. لكن حين يقبلون الرسم فإنهم يمتلون مخططات لأشياء أو أماكن المجسمات معقدة لا تحمل تعابير خاصة بهم.
بالنسبة للأطفال غير المصابين بالتوحد فإن الرسم يعتبر لديهم نشاطا لدى يمكن استثماره بسرور حيث يعبرون فيه عن ذواتهم.
حينما يطلب الاخصائي من الطفل ان يرسم فإنه يود ملاحظة ما إذا كان لدى الطفل صورة عن عالمه؛ حيث يحب أن يكون قادرا على التمييز بين حياته الخيالية والواقع. حين يكون لدى الطفل اضطرابات شخصية ذهنية تغزو رسوماته الشخصيات الكرتونية لدرجة لا تترك له مجالا للتعبير عن نفسه في الرسم.
في هده الحالة لا بد من تقديم نماذج رسومية لكي يتمكن الطفل من رسم والديه وإخوانه ومنزله ومدرسته.
هدف الأخصائي النفسي في اقتراح الرسم الحر على الطفل هو ملاحظة ما إذا كان يمكنه التحدث عن رسمه أم لا.
وإن كان الرسم يمثل بالرجوع إلى المعايير شيئا مقبولا بشكل عام فالرسم التصويري للمنزل يجب أن يشبه في الواقع منزلا.
ومن المهم أيضا أن يستطيع الطفل التعليق بنفسه على رسوماته حيث إنه الوحيد الذي يستطيع قول ما يمثله الرسم.
فالأخصائي بخبرته ومعرفة الإكلينيكية يلعب دور شاهد وملاحظ لما تنتجه مخيلة الطفل.
لذا فمن الخطأ أن نحيل نوعا من الرسوم لنوع من الاضطرابات، فالأخصائي لا يفسر الرسم في حد ذاته؛ بل يمكنه فقط من قراءة ديناميكية نفسية للطفل ككل.
فهو يعلم على سبيل المثال أن الرسم يتطور مع التقدم في السن، ومع العلاقة بالمرأة، ومع تبسيط الخبرات وإسقاط تأثيرات الذات. وفيما يتعلق بتأثيرات الجسد فإن الأخصائي حساس لأن يكون التمثل الجسدي يتميز بالتشويه، اذ ان العمر الحقيقي للطفل الدي يرسمه يتطلب وجود هادا التمثل الجسدي.
مهمة الأخصائي إدا الملاحظة فقط، ولا يأخذ بعين الاعتبار لا التعليق الذي يقدمه الطفل لرسوماته وهذا ما يجعل الرسم أداة إكلينيكية.
في حين أن استعمال الرسومات المعايرة مثل رسم الرجل الصغير أو الرسم العائلي يمكن أن تؤدي إلى تفسيرات من حيث التأخر في النمو.
أما بالنسبة للرسم الحر فإن تعليق الطفل وتفسيره وسرده هو فقط الذي يحتسب.
3. الحكايات والأساطير والقصص الفلسفية
تغذي الحكايات والخرافات والأساطير والقصص الفلسفية حوار الأطفال الداخلي حول رغباتهم العقلية والمستحيلة، إنها تسمح لهم بمواجهة تخيلاتهم. وفي الواقع نحدد هنا أنه لكي يتغدى الخيال يجب أن يكون هناك جزء من الغموض وجزء من المجهول حتى يتم اختيار الشيء المرغوب.
وهدا الجزء من المجهول غير المنطقي يتم الحفاظ عليه من خلال الحكايات التي يتألف فنها في معرفة كيفية تقديم وربط قصة دون أي تفسيرات. آلية الوهم هذه والربط الخيالي تعملان بشكل خاص عندما نجهل وجود روابط سببية بين الرغبات والواقع وهي العملية التي كشفها فرويد 1900.
فمن خلال تقديم حقائق خيالية وتمثيل شخصيات بشرية أو حيوانية تساعد الحكايات والأساطير على التفكير فيها يميز الانسان عن الحيوان، وما هو الدافع الدي يجب أن يكون إنسانيا للسماح بالعيش معا.
في الحكايات الخرافية تركز القصة عموما على وصف الأحداث التي يتم تخطيط زخارفها أو حتى تصويرها بشكل كاريكاتوري.
تستخدم الأساطير في أماكن الرعاية كدعم اسقاطي وتسمح للأطفال بالتعبير عن دوافعهم ورغباتهم وعدوانيهم.
وخلال تحليل اسقاطات الطفل من خلال الحكايات يجب ألا يغفل الأخصائي عن الجانب الثقافي لمحيط الطفل.
4. الألعاب:
تسمح الألعاب للأخصائي بتقييم الإبداع من ناحية، ومقاومة الإحباط والخسارة من جهة أخرى.
فالطفل في موقع المتعلم، لا يتوقف عن العثور على نفسه في موقف غير مريح لأنه يجب أن يوافق باستمرار على أنه ليس قويا، وأنه لا يعرف كل شيء فهو موجود ليتعلم.
الألعاب المتاحة للأخصائي النفسي المدرسي هي إما ألعاب التماثيل البشرية أو الحيوانية والتي يخترع بها الطفل قصة قد يقبل إدخال البالغين فيها أو لا، أو لعب القواعد مثل لعبة الإوزة أو ألعاب الورق.
الألعاب كأداة سريرية هي سهلة وسريعة الاستخدام وتمكن قياس القدرة على المخاطرة والقلق بشأن فكرة الخسارة ودرجة الابداع وتسمح الألعاب ذات القواعد بتقدير درجة النضج في مواقف التعلم لأنها تزعزع استقرار الأطفال من خلال إدخال شيء جديد لم يتم إتقانه. فخلال فترة الخبرة يقوم الاخصائي النفسي المدرسي بالإجابة على تساؤلات الاحتياجات التعليمية الخاصة للطفل أو الحاجة أولا إلى تعويض مادي أو بشري.
في حال تأثر الحياة النفسية للطفل وانعكاسها على تطوره ونموه المعرفي وتكيفه الاجتماعي أو مع وجود اضطرابات حركية أو حسية تؤثر على استقلالية الطفل، في هده الحالات يجب الاعتراف بوجود الإعاقة والحث على ضرورة الرعاية الخاصة
إرسال تعليق
مرحبا بارائكم ومقترحاتكم