التربية الصحية
يعتبر موضوع " التربية الصحية " من المواضيع المهمة جدا، ويتداخل مع مجموعة من المجالات البحثية الأخرى، وذلك لأن هذا المجال يستمد مفاهيمه من مدارس ونظريات متنوعة. ولعل هذا ما جعل الكتاب يشير في مستهله إلى أهمية إيجاد لغة مشتركة بين المهتمين بالموضوع عند تحديد مفهوم" التربية الصحية"؛ لأن التربية الصحية هي عملية منهجية تشبه عملية حل المشكلات؛ فهي بذلك "تدخل مهني" مما يجعلها متوقفة على قواعد الأخلاق، ويجعل ممارستها تتأثر بسياقات التدخل وما تفرضه من إكراهات وحواجز على المربين أو المستفيدين.
يعتبر موضوع " التربية الصحية " من المواضيع المهمة جدا، ويتداخل مع مجموعة من المجالات البحثية الأخرى، وذلك لأن هذا المجال يستمد مفاهيمه من مدارس ونظريات متنوعة. ولعل هذا ما جعل الكتاب يشير في مستهله إلى أهمية إيجاد لغة مشتركة بين المهتمين بالموضوع عند تحديد مفهوم" التربية الصحية"؛ لأن التربية الصحية هي عملية منهجية تشبه عملية حل المشكلات؛ فهي بذلك "تدخل مهني" مما يجعلها متوقفة على قواعد الأخلاق، ويجعل ممارستها تتأثر بسياقات التدخل وما تفرضه من إكراهات وحواجز على المربين أو المستفيدين. ولذلك ففي هذا المقالفي نهدف إلى أمور أساسية:
2. تحديد قواعد الأخلاق الموجهة لممارسة الوظيفة التربوية.
3. مناقشة العوائق التي تحول دون ممارسة التربية الصحية.
أولا: في المفهوم: تعريف التربية الصحية (نحو تبني لغة مشتركة)
كان ينظر للتربية الصحية، لسنوات عدة، على أنها جزءًا من مجموعة من استراتيجيات العمل في المجال الأوسع لتعزيز الصحة (ميثاق أوتاوا، وكالة الصحة الكندية عام، 1986). وبالتالي فهي استراتيجية تكميلية للاتصال الجماهيري والتسويق الاجتماعي والعمل السياسي والمجتمعي والتي تهدف إلى تسهيل التعلم الضروري لتبني السلوكيات التي تؤدي إلى الصحة.
وتستخدم مصطلحات مختلفة للإشارة إلى الوظيفة التعليمية للمهنيين الصحيين مثل: التربية المرضية والتربية الصحية والتربية العلاجية وتعليم المريض. واختلاف الأسماء راجع لتنوع المنشورات الأكاديمية وتنوع التيارات الفكرية والمقاربات النظرية والسريرية لموضوع الصحة، وتشير جميعها إلى المفاهيم النظرية التي توجه العملية التعليمية الهادفة إلى تبني وإدارة الذات للسلوكيات التي تؤدي إلى تحقيق الصحة: (أنماط الحياة الصحية والرعاية الذاتية).
1. التعريف المرجعي المعتمد في كتاب :éduquer à la santé
يستخدم الكتاب " التربية الصحية" باعتبارها المصطلح الأكثر شمولاً للإشارة بشكل عام إلى ممارسة الوظيفة التعليمية من قبل المهنيين الصحيين من منظور الوقاية الأولية والثانوية والثالثية.
ويتبني تعريف لورانس دبليو جرين (عام 1980) لوزنه ومكانته في الكتابات العلمية والمقالات المهنية التي تتناول التربية الصحية، ولكونه صريحا في تحديد الأهداف الخاصة التي يجب تحقيقها من خلال التدخلات التعليمية ثم قام بشرح التعريف وبيان قيمته كما يلي:
التربية الصحية عبارة عن مجموعة مخططة من خبرات التعلم التي تهدف إلى تهيئة الفرد وتمكينه من تبني سلوكيات تعزز الصحة طوعًا ودعم تبني هذه السلوكيات. (لورانس دبليو جرين)
التربية الصحية عبارة عن مجموعة مخططة من خبرات التعلم التي تهدف إلى تهيئة الفرد وتمكينه من تبني سلوكيات تعزز الصحة طوعًا ودعم تبني هذه السلوكيات. (لورانس دبليو جرين)
وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الصحة أوسع من غياب المرض؛ لأن الأمر يتعلق بقدرة الشخص على التكيف والعيش بأقصى إمكاناته الجسدية والنفسية والاجتماعية واتخاذ ما يلزم من خيارات وإجراءات لتحسين جودة حياته. وعليه فمفهوم التربية الصحية توجه المربي بوضوح إلى لعب دور الميسر وتجعله شريكا مع الأشخاص الموجودين في موقف التعلم.
هي مفهوم أحدث من مفهوم التربية الصحية وغالبًا ما نتحدث عن التربية العلاجية لـ "المريض". وهي مادة راسخة في الطب والتعليم والعلوم الإنسانية والاجتماعية (علم نفس الصحة، وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، وما إلى ذلك) (HAS ، 2007).
وتهدف التربية العلاجية إلى:
وبناء عليه فإن أغراض التربية العلاجية يمكن إجمالها في:
رغم بعض الفروقات الموجودة بين المفهومين تبعا للمجال الذي يمارس فيه كل واحد منهما، فإذا كانت التربية أو التعليم العلاجي أقرب ما يكون من الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة أو أمراض صعبة، وكون التربية الصحية مفهوما أكثر شمولية يمكن أن تتم مع المرضى وغير المرضى، فإن الكتاب لا يرى أنه من الضرورة التمييز بينهما؛ بل إنه يقترح دمج التربية العلاجية في المفهوم الأكثر عمومية للتربية الصحية.
يمكن أن تمارس التربية الصحية وفق صيغتين:
Ø بشكل عرضي: بالاستفادة من الفرص التي تتاح أثناء الاجتماع بالعملاء لتسهيل تعلم الوسائل المفيدة للحفاظ على الحالة الصحية أو تحسينها؛ حيث يمكن للمهني الصحي مثلا أثناء لقاء شخص ما، أن يستغل الفرصة لنقل المعرفة الصحية أو شرح ظاهرة أو تقنية فحص أو علاج أو تطوير مهارة نفسية حركية دقيقة. ويكون التدخل موجزًا وبشكل عام، ويستهدف المستويات الأدنى من التعلم والمهارات.
Ø بشكل رسمي: يتطلب الأمر وقتا كافيا وفترات أطول. عبر تطبيق مجموعة متنوعة من الأنشطة التعليمية لتحقيق أهداف التعلم المختلفة. وغالبًا ما تتم هذه الأنشطة التعليمية المخططة رسميًا في سياق البرامج التعليمية لتعزيز الصحة أو البرامج التعليمية الأكثر تخصيصًا للأشخاص الذين يعانون من مشكلة صحية مزمنة.
الممارسة المهنية والتدخل التعليمي عمليتان تتأسسان على مجموعة من الأدبيات والقواعد التي تضمن النجاعة، وتحافظ على خصوصية الحالات وتضمن كرامتهم وعادة ما تثار في هذه الصدد نقاشات الأمانة وشرف المهنة والمسؤولية الأخلاقية. وعادة ما تتم الإشارة إلى القيم الأخلاقية التي تعمل كمعايير مرجعية للمعلم والمربي لاتخاذ القرارات بما يخدم المصلحة الفضلى ويحترم الناس. ونكتفي هنا بالإشارة إلى القاعدة التي وردت في المطبوع الذي قدم لنا من طرف الأستاذ وهي:
الإحسان: بفعل الخير، وتجنب الخطر، والعمل لمصلحة الإنسان، وتعزيز ما هو مفيد له. يجب على اختصاصي التوعية، على سبيل المثال، توفير جميع المعلومات اللازمة للتحكم بشكل أفضل في مشكلة صحية.
اهتم المقال بمحاولة إيجاد مفهوم مشترك للتربية الصحية، وقد اعتمد على تعريف لورانس دبليو جرين لها واعتبره إطارا مرجعيا ملموسا وصريحا لمفهوم التربية الصحية لأنه يركز على التخطيط وتنويع طرق التعليم والمبادرة الحرة ودور التطوير والدعم والفاعلية في اكتساب والحفاظ على السلوك الصحي.
كما عرف مفهوم التربية العلاجية واعتبرها أحدث زمنيا من التربية الصحية؛ وربطها بمجالات التدخل في حالات الإصابات المرضية، وهي تربية تهدف إلى اكتساب مهارات الرعاية الذاتية والحفاظ عليها وتعبئة مهارات التأقلم، واعتبر أن التربية العلاجية جزء لا يتجزأ من التربية الصحية بمفهومها الشامل.
والتربية الصحية قد تمارس بشكل عرضي أو رسمي؛ غير أنها في جميع الأحوال تتوقف على احترام القواعد والقيم الأخلاقية.
1. عناصر التعريف
- أهمية استخدام مدخل "التربية" عوض مدخل "التدريس": فالتربية أشمل من التدريس وتهتم بالشخص بشكل كلي وبإنجازاته وأولوياته وتجاربه وسياق حياته وبيئته. كما تفترض وجود علاقة متبادلة بين المربي والشخص.
- التخطيط: تخطيط التعلمات الضرورية لاكتساب السلوكيات المعززة للصحة وتنظيمها بشكل منهجي لتحقيق قدر أكبر من الكفاءة والفعالية، وذلك في إطار منهاج تعليمي/تربوي ديناميكي يشبه إلى حد كبير نهج حل المشكلات. يعتمد المراحل الثلاث الآتية: التخطيط والتدخل والتقييم.
- خبرات التعلم: أي تنويع طرق التعلم لأن الناس لديهم أساليب تعلم مختلفة. مع مراعاة مستوى المتعلمين وسياق التدخل التربوي والموارد المتاحة.
- فعالية الفرد: تعني جعل الشخص متقبلًا، وزيادة واستدامة دوافعه للتعلم وتبني سلوك موات لصحته.
- التطوير: جعله قادرًا على تطوير المهارات المطلوبة لاكتساب سلوك صحي.
- الدعم: المساعدة بمختلف الوسائل (التعزيز، التغذية الراجعة) على الحفاظ على السلوك الصحي المكتسب حديثًا.
- المبادرة الحرة: فالتربية الصحية تستبعد أي شكل من أشكال الإجراءات القسرية وتركز على الانخراط الواعي الفاعل في بناء الصحة والحفاظ عليها.
وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الصحة أوسع من غياب المرض؛ لأن الأمر يتعلق بقدرة الشخص على التكيف والعيش بأقصى إمكاناته الجسدية والنفسية والاجتماعية واتخاذ ما يلزم من خيارات وإجراءات لتحسين جودة حياته. وعليه فمفهوم التربية الصحية توجه المربي بوضوح إلى لعب دور الميسر وتجعله شريكا مع الأشخاص الموجودين في موقف التعلم.
2. التربية العلاجية
هي مفهوم أحدث من مفهوم التربية الصحية وغالبًا ما نتحدث عن التربية العلاجية لـ "المريض". وهي مادة راسخة في الطب والتعليم والعلوم الإنسانية والاجتماعية (علم نفس الصحة، وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، وما إلى ذلك) (HAS ، 2007).
وتهدف التربية العلاجية إلى:
- مساعدة الأشخاص على اكتساب أو الحفاظ على المهارات التي يحتاجون إليها لإدارة حياتهم بشكل أفضل مع مرض مزمن.
- مساعدة الأشخاص وأفراد أسرهم على فهم المرض، وتحمل مسؤولية الرعاية الخاصة للمرضى من أجل الحفاظ على جودة حياتهم.
وبناء عليه فإن أغراض التربية العلاجية يمكن إجمالها في:
3. الفرق بين التربية الصحية والعلاجية
رغم بعض الفروقات الموجودة بين المفهومين تبعا للمجال الذي يمارس فيه كل واحد منهما، فإذا كانت التربية أو التعليم العلاجي أقرب ما يكون من الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة أو أمراض صعبة، وكون التربية الصحية مفهوما أكثر شمولية يمكن أن تتم مع المرضى وغير المرضى، فإن الكتاب لا يرى أنه من الضرورة التمييز بينهما؛ بل إنه يقترح دمج التربية العلاجية في المفهوم الأكثر عمومية للتربية الصحية.
تانيا: اجرأة التربية الصحية
يمكن أن تمارس التربية الصحية وفق صيغتين:
Ø بشكل عرضي: بالاستفادة من الفرص التي تتاح أثناء الاجتماع بالعملاء لتسهيل تعلم الوسائل المفيدة للحفاظ على الحالة الصحية أو تحسينها؛ حيث يمكن للمهني الصحي مثلا أثناء لقاء شخص ما، أن يستغل الفرصة لنقل المعرفة الصحية أو شرح ظاهرة أو تقنية فحص أو علاج أو تطوير مهارة نفسية حركية دقيقة. ويكون التدخل موجزًا وبشكل عام، ويستهدف المستويات الأدنى من التعلم والمهارات.
Ø بشكل رسمي: يتطلب الأمر وقتا كافيا وفترات أطول. عبر تطبيق مجموعة متنوعة من الأنشطة التعليمية لتحقيق أهداف التعلم المختلفة. وغالبًا ما تتم هذه الأنشطة التعليمية المخططة رسميًا في سياق البرامج التعليمية لتعزيز الصحة أو البرامج التعليمية الأكثر تخصيصًا للأشخاص الذين يعانون من مشكلة صحية مزمنة.
تالثا: القواعد الأخلاقية لممارسة التربية الصحية
الممارسة المهنية والتدخل التعليمي عمليتان تتأسسان على مجموعة من الأدبيات والقواعد التي تضمن النجاعة، وتحافظ على خصوصية الحالات وتضمن كرامتهم وعادة ما تثار في هذه الصدد نقاشات الأمانة وشرف المهنة والمسؤولية الأخلاقية. وعادة ما تتم الإشارة إلى القيم الأخلاقية التي تعمل كمعايير مرجعية للمعلم والمربي لاتخاذ القرارات بما يخدم المصلحة الفضلى ويحترم الناس. ونكتفي هنا بالإشارة إلى القاعدة التي وردت في المطبوع الذي قدم لنا من طرف الأستاذ وهي:
الإحسان: بفعل الخير، وتجنب الخطر، والعمل لمصلحة الإنسان، وتعزيز ما هو مفيد له. يجب على اختصاصي التوعية، على سبيل المثال، توفير جميع المعلومات اللازمة للتحكم بشكل أفضل في مشكلة صحية.
خاتمة
اهتم المقال بمحاولة إيجاد مفهوم مشترك للتربية الصحية، وقد اعتمد على تعريف لورانس دبليو جرين لها واعتبره إطارا مرجعيا ملموسا وصريحا لمفهوم التربية الصحية لأنه يركز على التخطيط وتنويع طرق التعليم والمبادرة الحرة ودور التطوير والدعم والفاعلية في اكتساب والحفاظ على السلوك الصحي.
كما عرف مفهوم التربية العلاجية واعتبرها أحدث زمنيا من التربية الصحية؛ وربطها بمجالات التدخل في حالات الإصابات المرضية، وهي تربية تهدف إلى اكتساب مهارات الرعاية الذاتية والحفاظ عليها وتعبئة مهارات التأقلم، واعتبر أن التربية العلاجية جزء لا يتجزأ من التربية الصحية بمفهومها الشامل.
والتربية الصحية قد تمارس بشكل عرضي أو رسمي؛ غير أنها في جميع الأحوال تتوقف على احترام القواعد والقيم الأخلاقية.
إرسال تعليق
مرحبا بارائكم ومقترحاتكم